للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.

١ - أنه لا حرج على الإنسان في طلب ما تطمئن به نفسه؛ لأن زكريا عليه الصلاة والسلام لم يشك في خبر الله، لكن أراد أن يتقدم إليه الفرح والاستبشار بقوة البراهين، وخبر الله لا شك أنه برهان، لكن كلما ازدادت البراهين ازدادت قوة اليقين.

٢ - جواز وصف الإنسان بما يكره إذا كان المراد مجرد البيان لا القدح والعيب؛ لقوله: {وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ}.

ونظيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما أبو جهم فلا يضع العصى عن عاتقه" (١)، وهذا من باب المشورة, ولكن لم يقصد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعيب الرجل، بل قصد أن يبين حاله ليكون الإنسان على بصيرة.

٣ - إثبات فعل الله؛ لقوله: {قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} ومذهب أهل السنة والجماعة: إثبات أفعال الله الاختيارية المتعلقة به والمتعدية إلى غيره؛ أفعال الله الاختيارية: يعني التي تقع باختياره، ولا شيء يقع من أفعال الله إلا باختياره، لكن منها شيء متعلق به مثل الاستواء والنزول والضحك والفرح، وأشياء متعلقة بغيره مثل الخلق، فإن الخلق يتعدى إلى الغير، فأهل السنة والجماعة يثبتون النوعين، ويقولون بلا شك: إنَّ الرب الذي يفعل ما يشاء أكمل من الرب الذي لا يستطيع الفعل، وغالبُ الأشاعرة إن لم أقل كل الأشاعرة والمعتزلة ومن ضاهاهم يقولون: إن الله ليس له أفعال اختيارية؛ لا يستوي, ولا ينزل، ولا يجيء، ولا يضحك، ولا يفرح، ولا يحب، ولا يكره، إلى آخر ما يقولون في


(١) رواه مسلم، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، رقم (١٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>