للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفي الأفعال الاختيارية، وعلتهم أوهى من أي علة حيث قالوا: إن الحوادث لا تقوم إلا بحادث، والله عزّ وجل أزلي أبدي.

فيقال لهم: أولًا: من قال لكم أن الحوادث لا تقوم إلا بحادث، فهذا قياس عقلي فاسد، فإن الحوادث لا يلزم أن لا تقوم إلا بحادث؛ لأنه من المعلوم أن المحدِث سابق عن الحدث، وإذا كان المحدِث سابقًا على الحدث لم يلزم أن يكون المحدِث حادثًا، أنت الآن تأكل الغداء اليوم، والغداء اليوم بالنسبة لك حادث وقت حدوثه وأنت موجود من قبل، فالرب عزّ وجل يفعل الأفعال هذه في وقت فعلها وهو لم يزل موجودًا. لكن على زعمكم أنتم وعلى مذهبكم الباطل يلزم أن يكون الله سبحانه وتعالى لا يفعل أي فعل، معطل عن الأفعال، وهذا عيب؛ لأن من يفعلُ أكملُ ممن لا يفعلُ باتفاق الناس، وليس يعتري الله عزّ وجل من إثبات الفعل في حقه أي نقص بأي وجه من الوجوه، والآيات كثيرة في إثبات فعل الله {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: ١٦]، {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: ٢٧]. والنصوص في هذا كثيرة، والحمد لله أن أهل السنة والجماعة يؤمنون بها.

٤ - إطلاق الجمع على الواحد، على أن قوله: {قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} يدل على أن القائل واحد، وأن قوله: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ} , {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ} يعني واحدًا منهم، وقد سبق في التفسير الخلاف في ذلك.

٥ - إثبات المشيئة لله عزّ وجل؛ لقوله: {مَا يَشَاءُ}. وهي مقرونة بالحكمة؛ لقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: ٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>