للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}.

١ - جواز البحث عما يزيد به الإيمان، وإن كان الإيمان موجودًا، بل قد نقول: وجوب البحث عما يزيد به الإيمان؛ لأن الإنسان مطلوب منه أن يقوي إيمانه بكل وسيلة.

٢ - تمام قدرة الله سبحانه وتعالى بخوارق العادات، فإن كون زكريا عليه الصلاة والسلام لا يكلم الناس إلا رمزًا، لكن في باب التسبيح ينطلق لسانه، هذا من آيات الله، ولهذا قال: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا}.

٣ - أن الآية قد تكون على عكس ما طلبت له، فهي قد طلبت لتحقق الوجود فيما بشِّر به, والآية كانت على العكس؛ كانت إعدام موجود وهو الكلام.

٤ - أن الإشارة تقوم مقام العبارة؛ لقوله: {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} وهذه الفائدة مبنية على أن الإشارة تقوم مقام العبارة عند العجز عن التعبير، ووجه المأخذ: أن الاستثناء هنا منقطع، فلا يكون كلامًا لكنه يقوم مقامه عند العجز، وكلا الأمرين حق، فالإشارة تقوم مقام العبارة في الإفهام ولاسيما عند العجز.

٥ - أن الإنسان ينبغي له إذا انقطع عن الناس أن يشغل وقته بذكر الله عزّ وجل؛ لأنه لما منع من الكلام مع الناس وصار لا يكلمهم إلا رمزًا، ومعلوم أن الإنسان الذي لا يكلم الناس إلا رمزًا سوف لا يكون حريصًا على مكالمتهم لئلا

<<  <  ج: ص:  >  >>