للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}.

هذا من خطاب الملائكة أيضًا، تقول لها: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} , والقنوت هو دوام الطاعة, واللام في قوله (لربك) للاختصاص: أي قنوتًا خالصًا لله، أي طاعة خالصة له؛ لأن من شرط الطاعة أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى.

وقوله: {لِرَبِّكِ} الربوبية هنا ربوبية خاصة, تختص بمن خصَّها الله به، وتفيد تربية وأكثر اعتناء واختصاصًا من الربوبية العامة.

وقوله: {وَاسْجُدِي} الواو حرف عطف, واسجدي: يعنى السجود المعروف، وقد ثبت عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أن هذه الأمة أمرت أن تسجد على سبعة أعضاء (١)، وعطف السجود على القنوت من باب عطف الخاص على العام.

وذكر الخاص بعد العام يدل على فضله ومزيته، ولا شك أن السجود من أفضل أنواع الطاعة, لذلك كان أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.

وقوله: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} الركوع معروف وهو انحناء الظهر، وقوله: {مَعَ الرَّاكِعِينَ} أي في جملتهم، وليس المراد أنها تصلي مع الجماعة؛ لأن المرأة لا تخاطب بالصلاة مع الجماعة، لكن: كوني فى جملة الراكعين الذين يركعون لله عزّ وجل، وفي قوله: {مَعَ الرَّاكِعِينَ} ولم يقل مع الراكعات مع


(١) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب السجود على سبعة أعظم، رقم (٨٠٩، ٨١٠). ورواه مسلم، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب، رقم (٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>