ما الذي أتى بالأسود لها؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل لك من إبل؟ "، قال: نعم، قال:"فما ألوانها؟ " قال: حمر، قال:"هل فيها من أورق؟ (الأورق: الفضي بين البياض والسواد) "، قال: نعم، قال:"أَنَّى لها ذلك؟ "، قال: لعله نزعه عرق، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "فابنك هذا لعله نزعه عرق"(١). فاقتنع الرجل، لأن هذا قياس جلي واضح.
الشاهد قوله:"لعله نزعه عرق"، فيستفاد من ذلك أن هذه الكيفية التي يريدها الله عزّ وجل في الأرحام لا يمنع أن يكون قد نزعها عرق من آبائه أو أمهاته أو أجداده أو جداته.
٤ - إثبات المشيئة لله تعالى؛ لقوله:{كَيْفَ يَشَاءُ}، وقد سبق لنا أن المشيئة إذا أطلقت فهي مقرونة بالحكمة، فما من شيء يشاؤه الله إلا لحكمة.
فإن قال قائل: هل في الآية دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يعمل عملية تجميل لقوله: {كَيْفَ يَشَاءُ}، حيث جعل التصوير راجعًا إلى مشيئته وحده. قد يقال ذلك، وقد لا يقال؛ لأن الله تعالى أخبر في آيات كثيرة بأنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، يعني يضيق، ولا نقول: إن الإنسان ممنوع من أن يفعل الأسباب التي يكون بها بسط الرزق؛ لأن البسط راجع إلى مشيئة الله! ولكن هناك فرق بين مسألة بسط الرزق وطلب البسط وهذه المسألة؛ لأن النصوص وردت بمنع التجميل، فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه "لعن النَّامصة
(١) أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب إذا عرض بِنَفي الولد رقم (٥٣٠٥). ومسلم، كتاب اللعان، رقم (١٥٠٠).