للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأرض بعض من الله، لا، حتى النصراني لا يدعي ذلك لكن هنا (مِنْ)، إما للابتداء يعني ابتداء التسخير من الله أو للبيان، بيان مَن المسخِّر، أو مَنْ جاء بهذا التسخير.

قال: {بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}.

{اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}، اسم: مبتدأ، والمسيح: خبر، وعيسى: خبر ثاني، وابن مريم: خبر ثالث، وإنما قلنا ذلك لأنك لو أفردت كل واحد عن الآخر لاستقام الكلام، لو قلت: اسمه ابن مريم صحَّ، اسمه عيسى صحَّ، اسمه المسيح، صح، وعلى هذا فكل واحد منها خبر، وقيل: بل الثلاثة خبر واحد، كقولك: البرتقال حلو حامض، هنا لا يصح أن تقول: حلو خبر وحامض خبر؛ لأنك لو أفردت أحدهما عن الآخر لفسد المعنى، لو قلت: البرتقال حلو، لم يصح، ولو قلت: البرتقال حامض، لم يصح، ولم يؤدِ المعنى الذي يؤديه قوله: البرتقال حلو حامض يعني: جامع بينهما، فلهذا نقول في قول القائل: البرتقال حلو حامض: حلو حامض جميعها خبر، لكن في الآية التي معنا {اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} لا يستقيم هذا المعنى فيها، وبناء على ذلك نقول: إن كل واحد منها خبر، مثل قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: ١٤ - ١٦] فهذه خمسة أخبار، هذه الأخبار الثلاثة جمعت أنواع العلم، التي أشار إليها ابن مالك بقوله:

واسمًا أتى وكنية ولقبا ... وأخِّرن ذا إن سواه صحبا

أي: الاسم عيسى، واللقب: المسيح، والكنية: ابن مريم. هذه الكلمات الثلاثة قد جمعت أنواع العلم الثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>