للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تؤمن بالله؟ سيقول: بلى، إنه الخالق, بلى، إنه المالك، بلى، إنه المدبر، بلى، إنه لا خالق معه ولا مالك ولا مدبر، بلى أومن بذلك كله، إذن كيف تجعل معه إلهًا تعبده؟ ومن كان غير الله فهو عابد وليس بمعبود، عابد مربوب، هو عبد مربوب لله عزّ وجل فكيف تجعله معبودًا مع الله، ولهذا قال الله: {فَاعْبُدُوهُ} فالفاء هنا عاطفة تفيد السببية أى: بسبب كونه ربي وربكم اعبدوه وحده. وما هي العبادة؟ .

العبادة:

مأخوذة من الذل، عَبَدَ بمعنى ذَلَّ. ومنه قولهم: طريق معبد أي: مذلل لسالكيه، فأصلها الذل لكنها بالنسبة لله عزّ وجل ذلٌّ مقرون بمحبة وتعظيم. فكل من تعبد لله فإن تعبده هذا مقرون بهذين الأمرين المحبة والتعظيم. فبالمحبة يكون الطلب، وبالتعظيم يكون الهرب، فالإنسان إذا أحب شيئًا طلبه، وإذا عظَّم شيئًا هابه وهرب منه وخاف منه. ولهذا كانت العبادة مبنية على الرجاء والخوف. والعبادة تطلق أحيانًا على هذا المعنى الذي ذكرنا باعتبارها مصدرًا، وهو أي التذلل لله مع المحبة والتعظيم، وتطلق أحيانًا على اسم المفعول أو على الشيء المتعبد به وحينئذٍ نقول: إنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. فالصلاة مثلًا عبادة، والزكاة عبادة، والصوم عبادة، والحج عبادة، وبر الوالدين عبادة، وصلة الأرحام عبادة، وهكذا، فأحيانًا تطلق على الفعل، وأحيانًا تطلق على المفعول.

قال: {فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>