المال، ومن وجه العدوان على الغير، فالحاصل أن ملك الإنسان قاصر من ناحيتين.
فأما التدبير الذي هو المعنى الثالث للربوبية، فهو أيضًا يكون لغير الله، لكنه تدبير ناقص من حيث الشمول ومن حيث التصرف أيضًا، فالإنسان لا يدبر كل شيء، لا يدبر إلا ما يملك تدبيره، ومع ذلك فتدبيره له تدبير ناقص على حسب ما يقتضيه الشرع. لو أراد أن يدبّر بعيره على وجه يشق عليه كأن يمشي به على الوحل أو على النار وما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز فهو إذن تدبير ناقص. لكن الله عزّ وجل يملك هذا كله بلا معارض له. المهم أن الربوبية هي انفراد الله بالخلق والملك والتدبير، ولا يعني ذلك أن لا أحد يشاركه في خلقٍ أو ملك أو تدبير، لكن على وجه لا يماثل ما يثبت للخالق من ذلك. فالإنسان قد يخلق، فيقال خلق، ويقال ملك، ويقال دبر، لكنه كما سبق ناقص.
وقوله:{رَبِّي وَرَبُّكُمْ}، بدأ بنفسه ليكون أول مذعن لهذا الربّ عزّ وجل؛ لأن الربَّ خالق مالك مدبر، فبدأ بنفسه ليكون هو أول من يذعن وينقاد لهذا الرب، قال:{فَاعْبُدُوهُ}: الفاء هنا عاطفة وتفيد السببية أيضًا أي: بسبب كونه ربًّا اعبدوه، ولهذا نقول: إن الإقرار بتوحيد الربوبية يستلزم الإقرار بتوحيد الألوهية، وأن من أقر بتوحيد الربوبية وأنكر توحيد الألوهية فقد تناقض، ولذلك سفَّه الله المشركين الذين كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ثم ينكرون توحيد الألوهية فيقول:{أَنَّى يُصْرَفُونَ}[غافر: ٦٩]، {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}[يونس: ٣٢]، {أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المائدة: ٧٥]، وما أشبه ذلك مما يدل على أنه من السفه أن يقرَّ الإنسان بأن الله وحده هو الخالق المالك المدبر ثم يعبد غيره. فنقول مثلًا للمشرك: ألست