خلقتم" (١)، ولكن الخلق المضاف إلى غير الله عزّ وجل ناقص ليس إيجادًا حقيقة ولكنه تغيير لصورة، فمثلًا الإنسان يخلق من الخشب بابًا، هل هو خَلَق الخشب؟ ومن الحديد سيارة، هل خَلَق الحديد؟ كلا، ولكن حوَّله من حال إلى حال فصار هذا خلقه، لكنه ليس هو الذي أوجد الحديد أو الخشب حتى يقال: إن خلقه كخلق الله. أيضًا: خلق الإنسان أو البشر عمومًا ليس عامًا شاملًا؛ لأن كل إنسان يخلق ما صنع فقط، وما لم يصنعه فليس من خلقه. كذللت الملك {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[المائدة: ١٢٠]، {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ}[المؤمنون: ٨٨] , والآيات في إثبات الملك لله وحده كثيرة، ومع ذلك أضاف الله إلى غيره الملك في قوله تعالى:{أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}[النور: ٦١]، فهل نقول: إن هذا الملك كملك الله؟ كلا. لا من حيث الشمول ولا من حيث التصرف؛ أما من حيث الشمول فلأن كل إنسان لا يملك أكثر مما تحت يديه، ولذلك لا تملك كتابي ولا أملك كتابك، أما ملك الله فهو عام شامل. وأما من حيث التصرف فملك غير الله قاصر؛ لأن الإنسان لا يملك التصرف المطلق كما يريد، وإنما يتصرف حسب ما تقتضيه شريعة الله وحسب ما يأذن به الله، ولو أراد الإنسان أن يمزِّق كتابه هل يملك ذلك؟ لا يملك ذلك بل هو حرام عليه ويأثم بذلك، ولو أراد أن يمزق كتاب غيره كان حرامًا من وجهين: من وجه إفساد
(١) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء، رقم (٢١٠٥). ورواه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم (٢١٠٨).