للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن هذا ليس بمطيع، بل إذا سعى في أسبابه حتى عجز كان كمن فعله؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصًا على قتل صاحبه" (١).

ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ}.

لما أمرهم بتقوى الله ذكر ما هو كالسبب في ذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ}، والربُّ هو الخالق المالك المتصرف. وتوحيد الله بالربوبية أن نؤمن بأنه لا خالق ولا مالك ولا مدبر إلا الله سبحانه وتعالى، وما يضاف من الخلق أو الملك أو التدبير لغير الله فإنه على وجه ناقص من حيث الشمول ومن حيث التصرف، فمثلًا الخلق يضاف إلى غير الله وقد مرَّ علينا قريبًا أن عيسى قال: {أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ} [آل عمران: ٤٩]، وقال الله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: ١٤]، وقال الله في الحديث القدسي: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" (٢)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" (٣)، وقال عليه الصلاة والسلام: "يقال لهم: أحيوا ما


(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا} رقم (٣١). ورواه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، رقم (٢٨٨٨).
(٢) تقدم تخريجه (ص ٢٨٢).
(٣) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب ما وطئ من التصاوير، رقم (٥٩٥٤). ورواه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم (٢١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>