للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسرائيل، وأنه يجب على كل واحد من بني إسرائيل أن يؤمن بها ويتبعها، وهل هذا إلا نسخ؛ ثم إن النسخ في الحقيقة من مقتضى الحكمة لا منافي للحكمة؛ لأن الله عزّ وجل يشرع الأحكام مناسبة للواقع أو ملائمة لمن شرعت له، فقد يكون هذا الحكم ملائمًا في زمن غير ملائم في زمن آخر، أو ملائمًا لقوم غير ملائم لآخرين. وكون الأحكام تتبع الحِكمة هذا هو الكمال وليس النقص، وهنا عيسى ابن مريم قال: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}.

٣ - جواز نسبة الحكم إلى من بلَّغه؛ لأنه قال: (أحل لكم) وأصل التحليل والتحريم من عند الله عزّ وجل، لكن إضافته إلى من أبانه وأظهره لا بأس بها، ولهذا أضاف الله القرآن إلى نفسه وإلى جبريل وإلى محمد، أما إلى نفسه فقال: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦]، وأما إلى جبريل فقال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: ١٩, ٢٠]، وأما إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} [الحاقة: ٤٠, ٤١] لكن الكلام يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئًا، وأما من قاله مبلغًا مؤديًا فإنما يضاف إليه لكونه أظهره وأبانه.

٤ - تكرار الأمور الهامة؛ لقوله في المرة الثالثة: {وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}.

٥ - أن الطاعة أمر مشترك بين الرسل وبين الله عزّ وجل، وأما التقوى فهي خاصة بالله؛ لقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}، وطاعة الله هي الأصل، لكن طاعة الرسول طاعة للمرسِل الذي أرسله.

٦ - أن التقوى واجبة في كل شريعة لقوله هنا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>