للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إقرارًا بأنهم آمنوا بجميع الرسل، وذلك أنه يجب على كل أمة متأخرة أن تؤمن بجميع الرسل السابقة. فنحن مثلًا آخر الأمم يجب علينا أن نؤمن بجميع الرسل {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: ٢٨٥]، في أصل الإيمان، وإن كنا نفرق بين الرسل من جهة الاتباع، فإننا لا نتبع إلا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وما أذن لنا فيه مِن شرع من سبق، أما الإيمان فيجب الإيمان بجميعهم.

وقوله: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}، (مع) هنا للمصاحبة، والمصاحبة لا تقتضي المخالطة أو الموافقة في الزمن، فقد تكون المصاحبة مع قوم سبقوك لكن في النهاية يكونون معك إلى الله.

وقولهم: {وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ}، هذا في الحقيقة هو ثمرة الإيمان؛ الاتباع، وكلما كان الإنسان أقوى إيمانًا كان أشد اتباعًا لمن آمن به، وكلما قلَّ الإيمان قلَّ الاتباع، هكذا، ويصح أن نقول: كلما قلَّ الاتباع قلَّ الإيمان، أو نقول: كان علامة على نقص الإيمان؛ لأن المؤمن حقًّا لابد أن يطلب الوصول إلى ما آمن به، وهذا يقتضي أن يَجِدَّ كل الجدِّ في العمل الذي يوصله.

وقوله: {الشَّاهِدِينَ}.

قال بعض العلماء: المراد بالشاهدين أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الشهادة المطلقة ليست إلا لهم؛ لأنهم آخر الأمم، فهم شهداء على جميع الرسل وعلى جميع الأمم، والشهداء الذين كانوا من قبلهم ليسوا شهداء إلا على من سبقهم فقط، كما قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>