للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبي، لكن إذا قال: بنبيك الذي أرسلت دلَّ على النبوة بطريق المطابقة؛ لأنه صرح بها بلفظها، ومعلوم أن الدلالة بالمطابقة أقوى من الدلالة بالالتزام لجواز منع الملازمة.

الوجه الثاني: أنه إذا قال: برسولك الذي أرسلت لم يكن وصفًا مخصصًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - إذ قد يراد بذلك جبريل مثلًا، جبريل رسول مرسل كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: ١٩، ٢٠]، فجبريل مرسل، فلو قال: برسولك الذي أرسلت لم يحدد أن هذا الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام، أما إذا قال: بنبيك الذي أرسلت تحدد الوصف بالرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن جبريل لا يسمى نبيًا وإنما يسمى رسولًا، وبهذا يزول الإشكال الذي أشرنا إليه، وهو أنه ينبغي أن يذكر الوصف المطابق، للحال التي عليها المتكلم؛ لأن الحديث -حديث البراء- اختير فيه النبوة على الرسالة من أجل هذين الوجهين.

١٥ - الحرص على صحبة الأخيار، نأخذه من قوله: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}، ولا شك أن صحبة الأخيار خير، حتى إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثَّلها بحامل المسك قال: "مثل الجليس الصالح والجليس السَّوءِ كحامل المسك ونافخِ الكير؛ فحامل المسكِ، إما أن يُحْذِيَكَ -يعني يعطيك مجانًا هبة-، وإمّا أن تبتاع منه، وإِمّا أن تجد منه ريحًا طيبة -كل هذا طيب- ونافِخ الكيرِ. ." (١)، والكير


(١) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب في العطار وبيع المسك، رقم (٢١٠١). ورواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء، رقم (٢٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>