للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤ - أنه إذا كان هناك وصفان، وكان أحد الوصفين أخص من الآخر بالعمل أو بالحال التي أنت فيها؛ فإن الأولى أن تأخذ بالأخص لقوله (الرسول)، لأنه رسول مرسل إلينا، ولم يقولوا: (واتبعنا النبي)، اتبعنا الرسول؛ لأن الرسول مرسل إلينا مبعوث، لكن النبي لا يؤمر بالتبليغ على قول جمهور العلماء، وهنا الاتباع الألصق به الرسالة. فلهذا اختاروا وصف الرسول.

فإن قال قائل: في حديث البراء بن عازب في ذكر النوم لما قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه ذكر النوم الذي يكون آخر ما يقول الإنسان قال من جملة ما قال: "آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت (١)، فلما أعادها البراء قال: وبرسولك الذي أرسلت. فقال: قل: وبنبيك الذي أرسلت". ومعلوم أن المقام مقام اتباع، فلماذا لما قال البراء: ورسولك الذي أرسلت، والرسالة تتضمن النبوة، قال: قل: ونبيك؟ .

فالجواب على هذا من وجهين:

الوجه الأول: أن دلالة الرسالة على النبوة من باب دلالة الالتزام، ودلالة النبوة على النبوة من باب دلالة المطابقة؛ ودلالة المطابقة أقوى بلا شك؛ لأن دلالة الالتزام قد يمانع فيها الخصم، قد يقول: هذا ليس بلازم، فلهذا اختار وصف النبوة مع أن الرسالة جاءت بعده (. . . الذي أرسلت) ولو قال: رسولك الذي أرسلت لدلَّ على النبوة بطريق الإلتزام؛ لأن كل رسول


(١) رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب إذا بات طاهرًا وفضله، رقم (٦٣١١). ورواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب ما يقال عند النوم وأخذ المضجع، رقم (٢٧١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>