للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نوم؛ لأن الله عزّ وجل لما أراد أن يرفعه إلى السماء أنامه ليسهل عليه الانتقال من الأرض إلى السماء؛ لأن الانتقال من الأرض إلى السماء ليس بالأمر الهين لطول المسافة وبعدها ورؤية الأهوال فيما بين السماء والأرض وفي السموات أيضًا، فأنامه الله ثم رفعه نائمًا حتى وصل إلى السماء، لكن هذا القول لا ينافي القول الأول الذي معناه قابضك؛ لأن نهايتهما واحدة. أما القول الثالث: أنها وفاة موت، فقول ضعيف يضعفه قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩]، قبل موته أي: عيسى، وهذا يدل على أنه لم يمت، ولأن الله تعالى لم يبعث أحدًا بعد الموت فيبقى كما في نزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان؛ ولأنه -أعني إطلاق الوفاة على النوم- كثير في القرآن، يعني ليس بمعنى غريب حتى نقول: لا يصح حملها عليه، بل هو معنى له كثرة في القرآن.

وقوله: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}.

(إليّ) إلى أي مكان؟ إلى السماء؛ لأن الرفع يكون من نازل بمعنى رافعك إليّ يعني في السماء، رفعه الله سبحانه وتعالى إلى السماء إلى الله.

{وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}.

مطهرك منهم: التطهير هنا تطهير معنوي لا تطهير حسّي، وذلك لأن الذين كفروا ليسوا يلطخون عيسى بالقاذورات الحسّية لكنهم يلطخونه بالقاذورات المعنوية، قالوا: إنه كذّاب، وإنه ابن زنا والعياذ باللهِ، وأن أمه زانية، واتهموه بأشياء كثيرة، فطهره الله منهم وذلك بما أنزل من براءته في عهده وفيما بعد عهده.

<<  <  ج: ص:  >  >>