للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه صفة ثابتة مطلقة، لا تحتاج إلى قيد؛ لأنها وصفت بكمال، ما هو الكمال؟ خير، فالله خير الماكرين، يعني ما من أحد يمكر إلا ومكر الله فوقه وخير منه.

والمكر من الصفات الذاتية أو الفعلية؟ الفعلية؛ لأنها تتعلق بمشيئته، وكل صفة من صفات الله لها سبب فهي متعلقة بالمشيئة؛ لأن مقدّر السبب هو الله، فإذا قدّر السبب فقد شاءه، ويترتب عليه ما يترتب من الصفات.

{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٥٤) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ}.

يحتمل أن تكون (إذ) متعلقة (بمكر الله) يعني ومكر الله (إذ قال الله: يا عيسى إني متوفيك)، ومحتمل أنها متعلقة بمحذوف تقديره: اذكر يا محمد منوّهًا بفضل عيسى إذ قال الله: {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}.

{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ}.

أي: إني قابضك، مأخوذة من قولهم: توفى الدائن دَيْنه أي: قبضه، وعيسى قد قبضه الله إليه في السماء ورفعه حتى ينزل في آخر الزمان، هذا قول.

والقول الثاني: متوفيك وفاة نوم، يعني منيّمك؛ لأن النائم متوفى، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: ٤٢]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} [الأنعام: ٦٠].

والقول الثالث: أنها وفاة حقيقية، توفاه الله وفاة حقيقية وسيحييه في آخر الزمان وينزل إلى الدنيا، والصحيح أنها وفاة

<<  <  ج: ص:  >  >>