الذين آمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام بعد بعثة محمد، أما قبل بعثة محمد نعم لا شك أن أتباع عيسى هم المسلمون، وأنهم على الحق قبل أن يحرّفوا ويبدّلوا. فإذا قالوا: كيف تجيبون عن قوله: {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}؟ قلنا: نعم آمِنُوا بمحمد ولكم النصرة إلى يوم القيامة. فإن قال قائل: أفلا يمكن أن يراد بالذين اتبعوه أي: الذين انتسبوا إليه وتكون لهم الغلبة على الكافرين لا على المسلمين، يعني مثلًا أن النصارى يغلبون اليهود والوثنيين وما أشبه ذلك، ويخرج من هذا المسلمون. ويكون الله تعالى قد وعد عيسى بأن يكون من انتسب إليه فوق الذين كفروا به.
الجواب: لا يمكن هذا، ليس بعيدًا متعذرًا؛ لأن هؤلاء لم يتبعوا عيسى، ألم تسمعوا أن الله يقول يوم القيامة: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة: ١١٦، ١١٧]، وهل النصارى يقولون بهذا؟ أبدًا، إذن لم يتبعوه، فالآية وإن كان قد يتراءى لبعض الناس أن يقول: إن النصارى يغلبون غيرهم من الكفار لهذه الآية فإنا نقول: لا لأن الله يقول: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ} والنصارى الآن لم يتبعوه، ثم إن الآية يعني لو فسرت بهذا التفسير لكان الواقع يخالفه، فالأمة الصليبية لم تظهر على الأمة الشيوعية بل هي خائفة منها فأين الفوقية؟ ليست هناك فوقية الآن، كل دول أوروبا الغربية بأسطولها وحلفها الأطلسي عجزت أن تكون فوق الشيوعية