للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - لنزول مرتبتها كما يقال: دنيا وعليا، فالدنيا نازلة في المرتبة عن الآخرة، مهما بلغ نعيمها فإنها نازلة عن الآخرة؛ لأن نعيم الدنيا إذا حصل فهو مشوب بالكدر كما قال الشاعر:

فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نُسَاءُ ويوم نسرّ

وقال الثاني:

لا طيب للعيش ما دامت منغصة ... لذّاته بادِّكار الموت والهرم

فمهما نعم الإنسان في هذه الدنيا فنعيمها دانٍ، ولهذا وصفت بالدنيا، أما نعيم الآخرة فقد قال الله تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف: ٧١]، وقال تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٧].

قال: {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}.

(ما) نافية، يعني هذا العذاب الشديد الذي يوقعه الله فيهم لا يجدون مَنْ ينصرهم منه أي: مَنْ يدفع عنهم هذا العذاب لا أهل ولا مال ولا صديق ولا قريب ولا أحد من الناس: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلَّا} [المعارج: ١١ - ١٥].

ثم جاء بالقسم الثاني قال: {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم، والرب عزّ وجل يكرر هذا دائمًا في القرآن، يجمع بين الإيمان والعمل الصالح، لأنه لا إيمان بلا عمل، ولا عمل بلا إيمان، بل لابد من الأمرين.

{آمَنُوا}: آمنوا بما يجب الإيمان به، وذلك بالإيمان بالله

<<  <  ج: ص:  >  >>