للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي أوجب الأجر على نفسه مَنْ؟ الله عزّ وجل هو الذي أوجب ذلك على نفسه، لم يوجبه أحد عليه، لو شاء لأمرنا ونهانا ولزمنا أن نطيعه بدون عوض؛ لأنه ربنا وخالقنا وما نعمله من الطاعات فإنه لا يقابل واحدة من نعمه التي لا تحصى سبحانه وتعالى، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لن يدخل الجنة أحدٌ بعمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته" (١) - صلى الله عليه وسلم -، فهذه الأجور التي هي جزاء الأعمال التي سماها الله أجرًا كالأجرة المفروضة على المستأجر لم يوجبها أحد على الله بل هو الذي أوجب على نفسه هذا الأجر، قال ابن القيم رحمه الله:

ما للعباد عليه حق واجب ... هو أوجب الأجر العظيم الشان

كلا ولا عمل لديه ضائع ... إن كان بالإخلاص والإحسان

إن عذبوا فبعدله أو نُعِّموا ... فبفضله والفضلُ للمنان

والحاصل: أننا ليس لنا حق على الله واجب {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ٥٤]، اللهم لك الحمد.

قال: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.

خَتْمُ الآية بهذا مناسب؛ لأنه لما بيّن أن هؤلاء آمنوا وعملوا الصالحات فيوفون أجورهم بيَّن أن هؤلاء قد قاموا بما يلزمهم وأنهم لم يظلموا أنفسهم، ولذلك أثابهم الله عزّ وجل هذا


(١) رواه البخاري، كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت، رقم (٥٦٧٣). ورواه مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله، رقم (٢٨١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>