للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثواب العظيم، وأن الله سبحانه وتعالى لا يحب الظالمين، فلو ظلموا أنفسهم ما استحقوا هذا الثواب كما قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]، فلو أشركوا بالله لحبط عنهم ما كانوا يعملون، وبطل عملهم؛ لكنهم أخلصوا لله، ولو ابتدعوا في دين الله ما قبله الله منهم، ولكنهم اتبعوا شريعة الله، فانتفى عنهم الظلم في الإخلاص وفي العمل فكانوا أهلًا لإكرام الله عزّ وجل. أما الذين كفروا واستحقوا العذاب فإنهم ظلموا أنفسهم فحصلوا على مقت الله وعقابه -والعياذ بالله- وعدم محبته.

ثم قال تعالى: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ}.

{ذَلِكَ}: المشار إليه كل ما سبق من ذكر آل عمران رحمهم الله: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٣٣]، فكل هذا مما تلاه الله تعالى على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -. وقوله: {نَتْلُوهُ عَلَيْكَ} أي: نقرؤه عليك متتاليًا يتلو بعضه بعضًا، ولكنه بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام، كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥].

وقوله: {نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ}.

{مِنَ الْآيَاتِ}: "من"، قال بعضهم: إنها بيانية تبيِّن المشار إليه في قوله: "ذلك"، وقال بعضهم: إنها تبعيضية، أي: بعض الآيات، ولكن الصواب الأول، وهو أن ما تلاه الله على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - كله الآيات، والآيات جمع آية وهي في اللغة العلامة، العلامة على شيء تسمَّى آية كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>