للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: ١٩٧]، وقال تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: ٣٧]، يعني علامة على قدرتنا، وما أشبه ذلك من الآيات، ولما أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا إلى عامله في خيبر أن يعطيه ساقًا من التمر قال: "فإن طلب منك آية -أو قال: أمارة- فضع يدك على ترقوته" (١)، كأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال للعامل: إذا بعثت إليك مبعوثًا فإن علامة صدقه أن يضع يده على ترقوتك.

قال: {مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ}.

الذكر: يطلق على معانٍ: منها الشرف كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: ٤٤]، أي: شرف عظيم، ومنه قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤]، أي: شرفك، ويطلق الذكر على ما يحصل به التذكر، فيسمى الكلام الجيد المشتمل على الموعظة ذكرى، قال الله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: ٩]، أي: التذكرة، ويطلق الذكر على ذكر الله عزّ وجل كما قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} [النساء: ١٠٣]، والمراد به في هذه الآية المعنيان الأولان الشرف وما يحصل به التذكير، فإن هذا القرآن لا شك شرف لمن تمسك به وقام بحقه، فإنه ينال شرف الدنيا والآخرة وسعادة الدنيا والآخرة، ولم يشرّف العرب ولم ينالوا السعادة والنصر والظهور إلا حين تمسكوا به، ولذلك لما تخلوا عنه زال عنهم وصف الشرف والظهور والنصر وصاروا إلى ما ترون. ولن يعود لهم مجدهم السابق مهما طنطنوا بالعروبة والقومية وما أشبه ذلك إلا إذا رجعوا إلى الإسلام، فمهما بلغوا في الدعاية فيما يتعلق


(١) رواه أبو داود، كتاب الأقضية، باب في الوكالة، رقم (٣٦٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>