للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسل ليسوا يمكرون للرسل أو يمكرون بالرسل من أجل أنهم فلان وفلان لكن من أجل دعوتهم، ودعوتهم إذا ورثها العلماء من بعدهم فإن الذين يمكرون للرسل سيمكرون بأتباع الرسل وورثة الرسل، وينبني على هذه الفائدة:

ب - أنه يجب على أهل العلم أن يتحفظوا تحفظًا كاملًا من أعداء الرسل الذين يتربصون بهم الدوائر، وأن يتقوا شرَّهم بما استطاعوا لئلا يمكروا بهم، والمكر وسائله وطرقه كثيرة، لكن العاقل الذكي ينتبه، ولهذا قال الله عزّ وجل للرسول عليه الصلاة والسلام في المنافقين، قال: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: ٤]، فبيّن أنهم هم العدو حقيقة، وأمر بالحذر منهم.

٢ - لا يوصف الله بالمكر على سبيل الإطلاق بل يقال: إن الله ماكر بمن يمكر به؛ ليعود المكر صفة كمال؛ لأن المكر إذا ذكر مطلقًا صار محتملًا للنقص، فإذا ذكر مقيدًا بأن قيل: إن الله ماكر بمن يمكر به وبأوليائه، صار صفة كمال تدل على قوة الله عزّ وجل وإحاطة علمه، وأن علمه أدق من علم هؤلاء الماكرين الذين يأتون بالأسباب الخفية والطرق الملتوية ليوقعوا عباد الله في الشر، فيكون الله سبحانه وتعالى أقوى منهم في ذلك، فإذا مكروا مكر الله عزّ وجل، ولا يجوز أن يسمى الله بالماكر مطلقًا، ولا يوصف بالماكر على سبيل الإطلاق، وقد سبق أن الله وصف نفسه بالمكر والكيد والسخرية والخداع والاستهزاء ولم يصف نفسه بالخيانة أبدًا؛ لأن الخيانة صفة ذم بكل حال {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>