للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأنفال: ٧١]، ولم يقل: فخانهم؛ لأن الخيانة خديعة في مقام الائتمان، والخديعة في مقام الائتمان صفة ذم ونقص.

٣ - جواز المفاضلة بين الخالق والمخلوق في الوصف كما قال: {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، و (خير) اسم تفضيل التفضيل فيجوز أن يفاضل بين الخالق والمخلوق، لأن هذا مطابق للواقع تمامًا، فالله تعالى أكمل من كل ذي كمال، ومنه تتفرع قاعدة وهي خطأ بعض أهل العلم رحمهم الله حيث يفسرون اسم التفضيل المنسوب إلى الله باسم الفاعل، فيقولون مثلًا في قوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤]، يقولون: الله عالم حيث يجعل رسالته، ولم يتفطنوا أنهم إذا قالوا: الله عالم، لم يمنع مشاركة غيره في العلم مع المساواة، لكن إذا قالوا: الله أعلم، امتنع مشاركة غيره له في العلم الذي هو أعلم به من غيره.

ومن فوائد قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥)}:

١ - التنبيه على أنه ينبغي أن نذكّر الناس بأحوال الأنبياء السابقين، وجه ذلك: أننا قدرنا {إِذْ قَالَ اللَّهُ} بـ (اذكر إذ قال الله). فينبغي أن يذكّر الإنسان الناس بأحوال الأنبياء السابقين لما في ذلك من محبتهم والثناء عليهم ومعرفة أحوالهم وإبقاء ذكراهم، وغير ذلك من المصالح العظيمة.

٢ - إثبات القول لله وأنه بحروف وبأصوات مسموعة؛ لقوله: {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ}، وهذا خطاب من يسمع، ثم هو كلمات من

<<  <  ج: ص:  >  >>