للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرة شيء آخر، وأحوال الناس مختلفة، هذا في نور وهذا في ظلمة والموقف واحد. أما في الدنيا فغير ممكن لو أتيت بأدنى سراج معك لانتفع به مَنْ إلى جانبك، وفي الآخرة الناس يُعرفون على قدر أعمالهم، فمنهم من يلجمه العرق، ومنهم من إلى كعبيه والمقام واحد، فأمور الآخرة وأمور الغيب كلها لا يجوز لك أن تقيسها بما تشاهده في الدنيا؛ لأن القياس هنا ممتنع، فهو قياس مع الفارق لاسيما في صفات الخالق عزّ وجل، فإن الفارق بعيد بين صفات الخالق وصفات المخلوق، ولذلك حذار أن تقيسَ ما أثبت الله لنفسه من صفات جل وعلا بما تعرفه من صفات المخلوقين؛ فإنك ستضل لا محالة.

١٨ - أن مرجع الخلائق إلى الله نهايةً وحكمًا، فإن الناس يبعثون يوم القيامة إلى ربهم حكمًا يحكم بينهم.

١٩ - إثبات الجزاء؛ لقوله تعالى: {فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}، وهذا حكم جزائي.

٢٠ - أن الخصومة تقع بين المؤمنين والكافرين في يوم القيامة؛ لقوله: {فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}، ويحتمل أن يقال: إن هذا حكم سبقت الخصومة فيه في الدنيا حيث كان الكفار والمنافقون يختصمون، ولكن الأول أقرب ويؤيده قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: ٣٠، ٣١].

٢١ - أن الاختلاف بين المسلمين والكفار اختلاف جوهري يحكم الله فيه بين هؤلاء وهؤلاء يوم القيامة، وأما الاختلاف بين المسلمين فيما مصدره الاجتهاد، فإنه لا يحكم بينهم؛ لأن المجتهدين وان اختلفوا في الحكم فإنهم لم يختلفوا

<<  <  ج: ص:  >  >>