للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤]، فهو مع الخلق وهو عالٍ عليهم كما قال شيخ الإسلام في الواسطية: "عليٌّ في دنوه، قريب في علوه". ولا ينافي هذا أيضًا أنه يأتي يوم القيامة للفصل بين العباد، فهو يأتي ولكنه فوق كل شيء، ولا ينافي هذا أنه يدنو عشية يوم عرفة يباهي بأهل الموقف الملائكة (١).

فإذا قال قائل: كيف لا ينافي هذا، أنا لا أتصور أن شيئًا يكون عاليًا نازلًا أبدًا.

قلنا: تبًّا لك، أنت لا تتصور هذا بالنسبة للمخلوق، أما بالنسبة للخالق فكل ما أخبر الله به عن نفسه فهو حق، حق لا يتناقض وليس فيه غير ممكن أبدًا، إذا قلت: لا يمكن، معناه أنك لن تصدق أخبار الله ورسوله إلا إذا وافقت هواك وإلا فلا، ولهذا ضلَّ مَنْ ضلَّ من الناس في مثل هذه الأمور حيث قالوا: هذا غير ممكن، وهذا غير ممكن، وبنوا عقيدتهم على أهوائهم. إذا كنت تريد أن تبني عقيدتك على هواك فما الفائدة من الرسل؟ لا فائدة من الرسل، إذا كنت أنت تريد أن تبني العقيدة على ما تهوى أنت وإذا جاءت الرسل بكلام يخالف ما عندك ذهبت تحرِّفه، إذن لا فائدة من الرسل. ولهذا أنصح دائمًا وأبدًا وأكرر أن يقبل المسلم كل ما جاء في الكتاب والسنة من صفات الله عزّ وجل.

ومن صفات اليوم الآخر أيضًا -لأنه في اليوم الآخر أشياء لا تكون في الدنيا- دُنُوُّ الشمس من الناس قدر ميل يوم القيامة، ولو كان في الدنيا لاحترقت الأرض ومن عليها، لكن أحوال


(١) رواه أحمد في مسنده، رقم (٧٠٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>