للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ} [الانشقاق: ٦]، الإنسان -كل إنسان- مخاطب وليس فقط المؤمن: {إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} و (إلى) للغاية، أي النهاية إلى الله، ثم أكد هذه النهاية بقوله: {فَمُلَاقِيهِ} يعني فاستعد لهذا اللقاء.

١٥ - إثبات حكم الله في الدنيا والآخرة {فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}، هذا في الآخرة، وفي الدنيا: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: ١٠]، فالحكم كله راجع إلى الله عزّ وجل، والله تعالى هو الحكم في الدنيا وفي الآخرة.

١٦ - بشارة المؤمنين بأن خلافهم مع الكفار سوف يجري فيه الحكم على يد الواحد القهار {فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}، وقد أخبرنا الله عزّ وجل أن الخاصم الغالب هم المؤمنون، قال الله تعالى: {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: ١٤١]، الحمد لله، انظر (سبيلًا) نكرة في سياق النفي.

١٧ - ثبوت علو الله تعالى بذاته، لقوله: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، لأن الرفع معروف أنه الصعود إلى أعلى، فإذا قال: (إلي) علم يقينًا أن الله عزّ وجل فوق وهو كذلك، هو فوق كل شيء بذاته، ولا ينافي هذا ما ثبت من أنه عزّ وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر (١)، هو النازل وهو عالٍ، ولا ينافي هذا أيضًا أنه مع الخلق كما قال عزّ وجل: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ


(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، رقم (١١٤٥). ورواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، رقم (٧٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>