واحد منهما أن يَحُجَّ الآخر، وأيهما الذي حجَّ؟ آدم، حاجك إذن بمعني جادلك، وسميت المجادلة محاجة؛ لأن كل واحد من المتجادلين يدلي بحجته ليغلب الآخر.
وقوله:{فَمَنْ حَاجَّكَ}، (مَنْ) هذه شرطية، وجواب الشرط {فَقُلْ تَعَالَوْا}.
وقوله:{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ}، الضمير يعود علي عيسي والمراد بالمحاجة في عيسي ليس في ذاته؛ لأن عيسي معلوم أنه بشر لكن في شأنه وقضيته.
وقوله:{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ} مَنْ الذي يمكن أن يحاجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في عيسي؟ هم النصاري، وهذه الآية وما قبلها كلها نزلت في وفد نجران من النصاري.
{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}: يعني بعد أن علمت قضيته وشأنه وتيقنت، فالذي يحاجك فيه ادعه للمباهلة.
وفي قوله:{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}، أتي بـ (من) الدالة علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالمباهلة بعد أن تروي من العلم؛ لأن {مِنْ بَعْدِ} تدل على أن هناك مهلة بين العلم الذي جاءه وبين المحاجة التي وقعت، بخلاف لو قال:(فمن حاجك فيه بعدما جاءك)، فإنها تفيد البعدية لكن لا تدل علي التراخي والمباعدة، ومعلوم أن الإنسان كلما تمعن في النظر فيما علم ازداد به علمًا ويقينًا.
وقوله:{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}، عن أي طريق؟ عن
= رقم (٣٤٠٩). ورواه مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسي عليهما السلام، رقم (٢٦٥٢).