للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: {سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} والحق بلا شك مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكن من أجل إلزام الخصم وإقامة الحجة عليه تنازل معه.

٣ - وجوب استعمال العدل في المناظرة حتى مع العدو؛ لأن الرسول أمر بأن يعلن هذا، وإذا كان هذا واجبًا في مناظرة المسلمين مع الكفار، فهو في مناظرة المسلمين بعضهم مع بعض أوجب وأوكد، ولهذا نقول: من الخطأ العظيم أن بعض الناس إذا رأي رأيًا قال عما سواه: خطأ، وخطّأ غيره، هو قد يكون خطأ باعتبار اعتقاده لا ننكر عليه، لأنه من المعلوم إذا اختار ضده فهو عندهم خطأ ولا ينكر عليه، لكن الإنكار أن يُخَطِّئ من قال به، وهذا فرق دقيق، فرق بين أن أعتقد أن هذا القول خطأ ولا آخذ به، وبين أن أخطّئ من قال به؛ لأني إذا خطّأته ادعيت العصمة لي والزلل له وهذا خطأ، ولهذا يجب في المناظرة بين المسلمين كما يجب في المناظرة بين المسلمين والكفار أن تكون بالعدل، ومن المعلوم أن الميزان العدل في ذلك كتاب الله وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكن المشكل أنه ليس كل أحد يفهم الكتاب والسنة كما ينبغي، يعني من الناس من يكون ظاهريًا محضًا لا ينظر إلي مقاصد الشريعة ومعانيها العظيمة التي يقصد بها إصلاح الخلق، فتجده مثلًا يريد أن ينفذ شيئًا من المسائل التي لا تعتبر ذات شأن كبير في الإسلام وإن فات بذلك مصلحة عظيمة كبيرة، منها مسائل الخلاف التي يظهر فيها النزاع والمباينة بين المسلمين.

ولهذا أمثلة كثيرة، تجد مثلًا بعض الناس يقول: لابد أن ننفذ هذا الشيء وإن كان سنة، وإن كان يلزم علي تنفيذه تفرق المسلمين وعدوانهم وحدوث البغضاء بينهم، لا ينظر إلي أن الشرع في الحقيقة مبني علي الألفة وائتلاف القلوب، فالشرع حرَّم

<<  <  ج: ص:  >  >>