للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيع علي بيع المسلم لأن ذلك يؤدي إلي العداوة والبغضاء، وحرَّم النجش، والخطبة علي خطبة أخيه، أشياء كثيرة إذا تأملتها وجدت أن هذا الشرع يرمي إلي أن يأتلف الناس وتتفق القلوب وتتحد الأهداف. وأن المسائل الجزئية إذا خيف منها فتنة تترك والحمد لله، أنت هل عليك لوم إذا تركت الأدني للأعلي؟ ليس عليك لوم بل لك مدح، اللوم أن تفعل الأدني لتفرط في الأعلي، ولهذا نعلم علم اليقين أن الصحابة أفقه منا بكثير، وأقوم منا في أعمالهم، وأشد منا حبًّا لشريعة الإسلام، ومع ذلك يتوافق بعضهم مع بعض في أمور لا يرونها ولكن من أجل المصلحة وائتلاف الناس واتفاق القلوب، ولا يخفي عليكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امتنع عن هدم الكعبة وبنائها علي قواعد إبراهيم مع أن هذا هو الذي يتمناه، وهو الذي همّ به؛ خوفًا من الفتنة؛ لأن قريشًا كانوا حديثي عهد بكفر (١).

وكان عليه الصلاة والسلام يترك ما يحب لمصلحة الناس، كان يصوم في السفر، فلما قيل: إن الناس قد شق عليهم، أفطر بعد العصر ورفع الماء وهو علي بعيره علي فخذه وشربه والناس ينظرون (٢)، لم يقل: لم يبق إلا جزء يسير من النهار فأريد أن أكمل.

والصحابة رضي الله عنهم في خلافة عثمان، حيث بقي


(١) رواه مسلم، كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها، رقم (١٣٣٣).
(٢) رواه الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية الصوم في السفر، رقم (٧١٠). والنسائي، كتاب الصيام، باب ذكر اسم الرجل، رقم (٢٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>