للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رضي الله عنه - سبع أو ثمان سنوات في خلافته يقصر الصلاة في مني وبعد مضي أكثر خلافته رأي - رضي الله عنه - لسبب من الأسباب أن يتم الصلاة فأتم، فبلغ ذلك من بلغ من الصحابة فأنكروا عليه قالوا: كيف يقصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وأنت في أول خلافتك والآن تتم، حتى إن ابن مسعود - رضي الله عنه - لما بلغه ذلك استرجع، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون (١)، كأنه أمر كبير، ومع ذلك يصلون خلفه، يصلون أربعًا مع اعتقادهم أنها خلاف السنة، وذلك من أجل اتحاد الكلمة وعدم التفرق، ولما سئل ابن مسعود قيل: كيف تنكر فعل عثمان وتصلي خلفه أربعًا، قال: (الخلاف شر). هذا والله هو الفقه، وهذه هي الشريعة.

أما أن يتفرق الناس، ويتخاصمون، ولا يتعاملون بالعدل، ويقول كل واحد للآخر: قولي هو الحق، وقولك الخطأ، وأنت مخطئ، فهذا ليس من طريق الشرع، بل هذا خلاف الشرع، وإن زعم من تمسك به أنه علي الشرع، وأنه هو الذي يصدع بالحق، وأنه هو المعصوم، فإن دعواه هذه هي التي جعلته مخطئًا، من ادعي العصمة فأول زلل زل به ادعاؤه العصمة، وأنه هو الصواب وغيره علي خطأ.

٤ - أن جميع الرسل متفقون علي هذه الكلمة {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} لأنه ما دام أنها كلمة سواء بيننا وبينهم، معناه أنها عندهم كما هي عندنا، وهذا هو الواقع، أن جميع الرسل متفقون علي هذه الكلمة، لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا، بل إن الله تعالى قال في كتابه العظيم: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ


(١) رواه أبو داود، كتاب المناسك، باب الصلاة بمني، رقم (١٩٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>