ولا شك أن التوراة منزلة من عند الله، لكن الله كتب التوراة. ولهذا قال بعض أهل العلم: لا نستطيع أن نثبت بأن التوراة من كلام الله، لكن الله كتبها بلا شك، وهي نازلة من عنده، أما الإنجيل فهو كالقرآن، ليس فيه أن الله تعالى كتبه، وإنما قال أنزله وهو كلام فيكون كلامه. أما التوراة فقد قال الله تعالى:{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[الأعراف: ١٤٥].
٧ - النداء على بني إسرائيل بالسفه، وأن تصرفاتهم كما هي مخالفة للمنقول فهي مخالفة للمعقول. ومن أراد أن يعرف سفاهة هؤلاء القوم فليرجع إلى كتاب [إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان] لابن القيم رحمه الله، ذكر أشياء عجيبة من سفه الأمة الغضبية والأمة الضالة. الأمة الغضبية هم اليهود، والأمة الضالة هم النصارى. ولو لم يكن إلا أن الله تعالى نعي عليهم عقولهم في هذه الآية، وفي آية:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[البقرة: ٤٤]، فاليهود أمة غضبية جاهلية في أبعد ما يكون عن الرشد.
٨ - الإشادة بالعقل، وأن العقل لا يحمل صاحبه إلا علي السداد والصواب؛ لقوله:{أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، والمراد بالعقل هنا عقل الرشد يعني عقل التصرف الذي به الرشد، لا عقل الإدراك الذي هو مناط التكليف؛ لأن هؤلاء اليهود والنصاري عندهم عقل، العقل الذي هو عقل الإدراك الذي هو مناط التكليف، هذا ثابت عند اليهود والنصاري، ولولا ذلك ما كلفوا.