للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمراد بأهل الكتاب هنا اليهود والنصاري. ولكن الأغلب هم اليهود؛ لأنهم أكثر ممارسة للعرب من النصاري. فإن اليهود كانوا في المدينة، قدموا من أذرعات، ومن الشام، ينتظرون النبي الذي بشرت به التوراة. قدموا من بلاد الشام لأنهم علموا أن مهاجر هذا النبي المدينة حسب ما في التوراة من البشارات به، فقالوا: نذهب إلي هناك لنكون معه {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: ٨٩].

{لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} .. {لَوْ} مصدرية بمعني أَنْ. والقاعدة في (لو) أنها إذا أتت بعد ما يفيد الود والمحبة تكون مصدرية {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: ٩] أي: ودوا أن تدهن {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} [البقرة: ١٠٩] أي: ودوا أن يردوكم، فهي هنا مصدرية. وقد علم أنها تأتي شرطية؛ حرف امتناع لامتناع. مثل: لو جاء زيد لأكرمتك. فهنا امتنع إكرامي إياك لامتناع مجيء زيد.

يقول الله عزّ وجل: {لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} يعني ودوا أن يضلوكم. والإضلال: بمعني الإتاهة عن الحق. يعني ودوا أن يخرجوكم من الهدي إلي الضلال. وهذا الضلال الذي أرادوه بالمسلمين يمكن أن يفسر بالآية الثانية التي في سورة البقرة: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: ١٠٩].

يقول عزّ وجل: {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} يعني بمحاولتهم وودهم هذا لا يضلون إلا أنفسهم، المعروف عند

<<  <  ج: ص:  >  >>