للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكثر المفسرين أن المعني: وما يهلكون إلا أنفسهم، وذلك لأنهم إذا تمنوا لكم الضلال أثموا علي ذلك فصاروا هم كالضالين. وقيل: بل المعني: {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} أنهم إذا اشتغلوا بمحاولة إضلالكم اشتغلوا عما فيه هداهم. كما هو الواقع أن الإنسان إذا أراد أن يرد الحق، وأن يضل غيره اشتغل بمحاولة إضلال غيره عن محاولة هداية نفسه، فيكون المعني: وما يضلون إلا أنفسهم لأنهم اشتغلوا بمحاولة إضلالهم إياكم عن طلب هدايتهم؛ لأن العادة أن الإنسان إذا اشتغل بمحاولة إضلال غيره تجده يطرق كل باب ويسلك كل طريق يحاول به إضلال الغير وينسي نفسه. وهذا واقع كثيرًا، حتى بين طلبة العلم أحيانًا، يريد الإنسان أن ينتصر لنفسه ولقوله، ولو كان علي خطأ، فتجده يحاول أن يلتمس الأعذار والتحريفات والتأويلات وصرف النصوص عن ظاهرها من أجل أن توافق قوله، وينسي أن يكون الواجب عليه إذا عورض أن يطلب الحق، وأن يراجع نفسه، لعل الصواب مع غيره. كما يقع كثيرًا عندما يختار الإنسان قولًا أو يقول قولًا ثم يراجع فيه فيتبين له أن الصواب خلاف ما كان يعتقده أولًا.

إذن {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} فيها رأيان:

الرأي الأول: ما يضلون إلا أنفسهم بالإهلاك وكثرة العقاب حيث حاولوا صد الناس عن دين الله.

الرأي الثاني: ما يضلون إلا أنفسهم بانشغالهم بمحاولة إضلالكم عن طلب هداية أنفسهم. قال بعض المفسرين: وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>