للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها" (١)، أي: أخيرها وأشرها. وكما حذفت الهمزة من (الناس)، وأصلها أناس.

وهو أعرف المعارف على الإطلاق. ومعناه: المعبود حبًّا وتعظيمًا، فهو فِعال بمعنى مفعول، وما أكثر ما يأتي فعال بمعنى مفعول، كغِراس بمعنى مغروس، وبناء بمعنى مبني.

وقوله {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}: أي لا معبود حقٌّ إلا هو. فـ (إله): اسم لَا النافية للجنس، وخبرها محذوف، تقديره: حق، وهناك آلهة باطلة ولكنها آلهة وُضِعَت عليها الأسماء بدون حق، كما قال الله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا} [يوسف: ٤٠]، وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: ١٩ - ٢٣]. وبهذا التقدير للخبر في {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، يزول الإشكال، وهو أنه كيف يُنفى الإله في مثل هذه الجملة، ويُثْبَتُ في مثل قوله: {وَفَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [هود: ١٠١]؟ .

والجمع بينهما: أن تلك الآلهة باطلة، والإله في قوله: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} إله حق، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: ٦٢].

وقوله: {هُوَ}، (هو) ضمير وليس اسمًا لله تعالى، بخلاف قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: ١٩]. فلفظ {اللَّهُ} هنا عَلَم، وأما قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ


(١) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، رقم (٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>