للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥]. فـ (أنا) هنا ضمير.

فعلى هذا نقول: (أنا) و (هو) في قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} وقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} كلاهما ضمير رفع منفصل. فكما أن الذاكر لا يجعل (أنا) اسمًا لله، فلا يجوز أن يجعل (هو) اسمًا لله، وبهذا نعرف بطلان ذكر الصوفية الذين يذكرون الله بلفظ: هُوْ هُوْ. ويرون أن هذا الذكر أفضل الأذكار، وهو ذكر باطل.

وقوله: {الْحَيُّ}: (أل) هنا للاستغراق، أي الكامل الحياة، وحياة الله عزّ وجل كاملة في وجودها، وكاملة في زمنها، فهو حي لا أول له، ولا نهاية له. حياته لم تُسْبَقْ بِعَدَمٍ، ولا يلحقها زوال، وهي أيضًا كاملة حال وجودها، لا يدخلها نقص بوجه من الوجوه، فهو كامل في سمعه وعلمه وقدرته وجميع صفاته، إذا رأينا الآدمي بل إذا رأينا غير الله عزّ وجل وجدنا أنه ناقص في حياته زمنًا ووجودًا. حياته مسبوقة بعدم، ملحوقة بزوال وفناء، وهي أيضًا ناقصة في وجودها، ليس كامل السمع ولا البصر ولا العلم ولا القدرة، فكلُّ حي سوى الله ناقص.

وقوله: {الْقَيُّومُ} على وزن فَيْعُول، وهو مأخوذ من القيام، ومعناه: القائم بنفسه، القائم على غيره، القائم بنفسه فلا يحتاج إلى أحد، والقائم على غيره فكل أحد محتاج إليه.

وفي الجمع بين الاسمين الكريمين {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} استغراق لجميع ما يوصف الله به بجميع الكمالات. ففي "الحي" كمال الصفات، وفي "القيوم" كمال الأفعال، وفيهما جميعًا كمال الذات، فهو كامل الصفات والأفعال والذات.

<<  <  ج: ص:  >  >>