للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}:

{نَزَّلَ}: التنزيل يكون من أعلى إلى أسفل، ويكون بالتدريج شيئًا فشيئًا، كما قال الله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: ١٠٦]. وقال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: ٣٢].

فقوله: {نَزَّلَ} يفيد أن هذا القرآن من عند الله، وأنه نزل بالتدريج ليس مرة واحدة.

وقوله: {عَلَيْكَ} الضمير يعود على الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد بيّن الله تعالى في آية أخرى أنه نزل على قلب الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ ليكون أدل على وعيه لهذا القرآن الذي نزل عليه؛ كما قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٤].

وأما التعبير بـ {إِلَيْكَ} في نحو قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [الزمر: ٢]، فهو يفيد الغاية، يعني نهاية الإنزال إلى الرسول.

{الْكِتَابَ} هو هذا القرآن، وهو فِعال بمعنى مفعول، فهو كتاب؛ لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ، كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: ٧٧ - ٧٨] أي اللوح المحفوظ، وهو كتاب في الصحف التي بأيدي الملائكة: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} [عبس: ١٢ - ١٥]، وهو كتاب في الصحف التي بأيدينا، فهو مكتوب بأيدينا، ونقرؤه من هذه الكتب.

وقوله: {بِالْحَقِّ} الباء يجوز أن تكون بمعنى أنه متلبس

<<  <  ج: ص:  >  >>