للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالحق أي مشتمل على الحق، فهو نازل بحق لا بباطل، ويحتمل أن تكون متعلقة بالتنزيل، يعني أنه نزول حقّ ليس بباطل. قال تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: ٢١٠ - ٢١١] بعد: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٣]، فيكون {بِالْحَقِّ} يعني أنه نازل عليك نزولًا حقًا ليس بباطل، فهو لم يكذب عليه الصلاة والسلام بهذا القرآن. ويحتمل أن يكون نازلًا بالحق يعني مشتملًا عليه ومتلبسًا به، والمعنيان صحيحان لا يتنافيان. والقاعدة: أن النص إذا دلَّ على معنيين صحيحين لا يتنافيان حُمل عليهما جميعًا.

وقوله تعالى: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}:

{مُصَدِّقًا} حال من الكتاب، ولا يصح أن نجعلها صفة، لأنَّ مصدقًا نكرة، والكتاب معرفة، والصفة يجب أن تتبع الموصوف في التعريف والتنكير.

وقوله: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} يعني للذي بين يديه من الكتب السابقة، وتصديقه لما بين يديه له وجهان:

الوجه الأول: أنه صدقها لأنها أخبرت به فوقع مصدقًا لها.

الوجه الثاني: مصدقًا لما بين يديه أي حاكمًا عليها بالصدق.

فهو مصدق لما سبق من الكتب بالوجهين المذكورين؛ لأن الكتب أخبرت به فوقع، وإذا وقع صار تصديقًا لها. الوجه الثاني: أنه حكم بأنها صدق من عند الله عزّ وجل، وهذا التصديق لما بين يديه يشمل الوجهين جميعًا. فالقرآن شاهد بأن التوراة حق، والإنجيل حق، والزبور حق، وصحف إبراهيم حق، وأن الله أنزل على كل رسول كتابًا، كذلك مصدقًا للكتب التي

<<  <  ج: ص:  >  >>