للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لا يضرنا، ويتفرع على هذه الفائدة أنه ينبغي للعبد أن يعتمد على ربِّه في طلب الهدى، وأن لا يعتمد على نفسه؛ لأنه إذا اعتمد على نفسه خذل مهما كان من الذكاء والحيلة.

٦ - أن هؤلاء الذين صنعوا هذه الخديعة بينوا وأظهروا أن الذي حملهم على ذلك هو الحسد؛ لقوله: {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ}؛ لأن اليهود من أبرز صفاتهم الحسد: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٥٤]، {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: ١٠٩].

٧ - أن أهل الكتاب يؤمنون بالبعث والحساب؛ لقوله: {أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ}، ولذلك اتفقت اليهودية والنصرانية والدين الإسلامي على الإيمان بالبعث. لكن ليس كل من آمن بالبعث يعمل له، فاليهود والنصارى ما داموا على كفرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فإنهم لم يعملوا لهذا البعث، إذ لو عملوا له لآمنوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم -.

٨ - إثبات أن العطاء عطاء الله، وأن الله إذا منّ على أحد بفضل فلن يستطيع أحد منعه؛ لقوله: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}.

٩ - إثبات اليد لله عزّ وجل؛ لقوله: {بِيَدِ اللَّهِ} وهذه اليد يد حقيقية يقبضها الله ويقبض بها ويأخذ بها كما قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: ٦٧] وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن الله تعالى يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل" (١)، وأخبر


(١) رواه مسلم، كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب، وإن تكررت الذنوب، رقم (٢٧٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>