ب - أن هذا القضية أو القاعدة التي ذكرتم قاعدة باطلة، فإن الأفعال تأتي بعد الفاعل، ولا يلزم أن تكون قديمة بقدمه، ولا يلزم أن يكون حادثًا بحدوثها، ولذلك نحن نأكل اليوم، وأكلنا بالأمس، وما قبل أمس. فهل يلزم إذا أكلنا اليوم أننا لم نوجد إلا اليوم؟ ! ، إن وجودنا يسبق أفعالنا. فكذلك أفعال الله اختيارية، وجود الله سابق عليها، ولا يلزم أن نقول: إذا أثبتنا الأفعال الحادثة قد أثبتنا حدوث الفاعل أبدًا. فهذه الملازمة العقلية ملازمة باطلة لذاتها. وهي أيضًا ملازمة باطلة لمصادمتها للنصوص.
١٢ - إثبات المشيئة لله؛ لقوله:{مَنْ يَشَاءُ}. ولا أحد ينكر إثبات المشيئة لله فيما يتعلق بفعله أنه تابع لمشيئته، ولا يكون إلا بمشيئته، ولكن اختلفت الأمة في فعل العبد هل يكون بمشيئة الله أو لا يكون؟ فأهل السنة والجماعة قالوا: إنه يكون بمشيئة الله مع إثبات إرادة العبد، أي فعل العبد بمشيئة الله مع إثبات إرادة العبد له. وذهبت القدرية مجوس هذه الأمة إلى أن فعل العبد لا يقع بمشيئة الله، وأن العبد حر يفعل ما يشاء، ولا تعلق لإرادة الله ومشيئته بفعله، وبهذا سُمّوا مجوس هذه الأمة؛ لأنهم اعتقدوا أن العبد مستقل بما يحدثه، فجعلوا للحوادث خالقين: الله عزّ وجل فيما يتعلق بفعل نفسه، والإنسان فيما يتعلق بفعل نفسه أيضًا. فالله خالق لأفعاله والإنسان خالق لأفعاله. والله شاءٍ لأفعاله والإنسان شاءٍ لأفعاله، ولا تعلق لمشيئة الله بفعل العبد.
وهناك طائفة أخرى وهم الجبرية قابلتهم فقالت: أفعال العبد بمشيئة الله ولا إرادة للعبد فيها. إن قام فهو مجبر، وإن جلس فهو مجبر، وإن نزل من السطح على الدرج فهو مجبر، وإن