أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَلَ وجهه؛ فإن الله قِبَلَ وجهه إذا صلى" (١)، الذين يستقبلون المشرق كالذين يقعون غربًا عن مكة، والذين يستقبلون المغرب كالذين يقعون شرقًا عن مكة، والذين يستقبلون الجنوب، كالذين يقعون عنها شمالًا، والذين يستقبلون الشمال كالذين بقعون عنها جنوبًا، كل هؤلاء أينما تولوا فثم وجه الله؛ لأن الله واسع عليم. ولكن لا تظن أن الله في الأرض قبل وجهك وأنت تصلي، فإنه قبل وجهك وهو في السماء؛ لأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته. وإذا كان المخلوق وهو مخلوق يمكن أن يكون في السماء وقبل وجهك فما بالك بالخالق، لو استقبلت الشمس حين شروقها لكانت قبل وجهك وهي في السماء، وكذلك عند الغروب تكون قبل وجهك وهي في السماء. فالحاصل أن الله تعالى واسع بجميع صفاته وبكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
١٤ - إثبات علم الله سبحانه وتعالى في قوله:{عَلِيمٌ} العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه، فمن لم يدرك الشيء فليس بعالم، وإن أدركه على خلاف ما هو عليه فليس بعالم. والأول جاهل بسيط، والثاني جاهل مركب. فلو سألنا سائل: متى كانت غزوة الفتح؟ فقيل له: كانت في السنة الثالثة من الهجرة، فالقائل جاهل جهلًا مركبًا، ولو سألنا سائل: متى كانت غزوة الفتح؟ فقيل له: الله أعلم، فالقائل جاهل لكن جهله بسيط،
(١) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب حك البزاق باليد من المسجد، رقم (٤٠٦). ورواه مسلم، كتاب المساجد، باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها، رقم (٥٤٧).