للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدًا؟ لا، ما ظلمته لأن هذا فضل منك فلا يقال إنك ظلمت من أعطيته درهمًا واحدًا لأنك أعطيت الأول عشرة دراهم، ولو استأجرت عشرة أجراء على عشرة دراهم كل يوم، فقاموا بالعمل، فأعطيت واحدًا عشرة دراهم؛ والثاني تسعة، والثالث ثمانية، وهكذا تنقص، لعددت ظالمًا؛ لأن هذا ليس من العدل أن يقوم الجميع بما استأجرتهم عليه ثم تعطي بعضهم وتحرم بعضًا. والفرق بين هذه والتي قبلها أن الأولى فضل وإحسان، والثانية عدل. والعدل يجب أن يعطى فيه كل ذي حق حقه.

٣ - جواز وصف غير الله بالعِظَم؛ لقوله: {ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}، لأن الفضل هنا يحتمل: أن يُراد بها الفضل الذي هو فضل الله أي عطاؤه، أو أن المراد بها المُتفضَّل به وهو المُعطى، فعلى الثاني لا إشكال في استنباط الفائدة التي ذكرناها (أن العِظَم يوصف به غير الله) وعلى الأول إذا قلنا: إن الفضل هو نفس فعل الله فوصفه بالعِظم لا إشكال فيه؛ لأنه من صفات الله، وصفات الله كذاته عظيمة.

فإن قال قائل: ما دام الاحتمالان قائمين فلا دلالة على أنه يوصف بالعِظم من سوى الله. ما دمنا نقول يحتمل أن يكون الفضل هنا صفة لله، وصفة الله عظيمة كذات الله.

فالجواب عن هذا أن يُقال: اقرأ قول الله تعالى: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: ٢٣] فوصف العرش بالعِظم مع أن عرشها مخلوق .. إذن يصح أن نقول: هذا الفعل عظيم، وهذا رجل عظيم، هذه سيارة عظيمة، هذا بيت عظيم، وما أشبه ذلك، ولا يضر، كما أنه يصح أن نقول: فلان عزيز، فلان قوي، ولا حرج

<<  <  ج: ص:  >  >>