للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب عن ذلك: أن هذه معرفة خاصة تستلزم العناية بالذي تعرّف إلى الله من قبل. والدليل على أنها ليست معرفة العلم بل هي معرفة العناية قوله: "تعرف إلى الله" مع أن الله يعرفك سواء قمت، بعبادته أم لم تقم. لكن إذا قمت بعبادته فقد تعرفت إليه، فإذا تعرفت إليه في الرخاء عرفك في الشدة.

ومن فوائد قوله عزّ وجل: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.

١ - أن الله عزّ وجل قد يرحم بعض العباد رحمة خاصة؛ لقوله: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ}، وقد بيَّن الله في آية أخرى أن الله يرحم من يستحق أن يرحم، وهو الذي تعرض لأسباب الرحمة، قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: ١٦] .. وأن من كان على العكس لم يأت بما يقتضي الرحمة، فإنه ليس أهلًا لها، قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: ١٥٦]. وقال عزّ وجل: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف: ٥].

٢ - أنه لا اعتراض على الله في كونه يختص برحمته زيدًا ويمنع رحمته عن عمرو؛ لأن الأمر إليه وهو فضل إن شاء منعه وإن شاء أعطاه. ويتفرع على هذه الفائدة أن من مُنِعوا فضل الله لم يكونوا قد ظُلموا شيئًا؛ لأن فضل الله يؤتيه من يشاء، ويختص برحمته من يشاء. أرأيت لو كان أمامك عشرة رجال فأعطيت واحدًا عشرة، وواحدًا تسعة، وواحدًا ثمانية، وواحدًا سبعة، وواحدًا ستة، وواحدًا خمسة، وواحدًا أربعة، وواحدًا ثلاثة، وواحدًا اثنين، وواحدًا واحدًا. هل ظلمت من لم تعطه إلا درهمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>