للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مضافًا إلى الله ربوبية، وباعتباره مضافًا إلى الإصلاح تربية.

{وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} أي مخلصين للرب متعبدين له.

{كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} أي مربين للخلق على ما تقتضيه الشريعة.

{بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ}:

الباء هنا للسببية، أي بسبب تعليمكم الكتاب {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} لأن الذي يعلم الكتاب مربٍّ. ولهذا كلما كثر الطلبة عند شخص كثرت تربيته للناس؛ لأن المفروض في المعلم أن لا يكون معلمًا للناس تعليمًا نظريًا جدليًا؛ لأن هذا يمكن أن يدركوه بالكتب، لكنه ينبغي أن يعلمهم تعليمًا نظريًا وتعليمًا تربويًا. وهذا هو هدي النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وأصحابه، إذا نظرنا إلى السيرة النبوية وجدنا كيف كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم الناس تعليمًا مقرونًا بالتربية مصحوبًا بها، وإذا تأملنا سيرة الخلفاء الراشدين وجدناها كذلك، فلننظر مثلًا إلى سيرة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقد رفع عقوبة الخمر إلى ثمانين ليردع الناس، ومنع المطلق ثلاثًا من الرجوع إلى زوجته من أجل أن يردع الناس. فالحقيقة أن المعلم ليس هو الذي يملأ أذهان الناس علمًا فحسب، ولكن الذي يملأ أفكارهم أو أذهانهم علمًا وأخلاقهم تربية.

قال: {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ} الباء هذه للسببية و"ما" مصدرية أي بكونكم، وعلامة (ما) المصدرية أن يحول ما بعدها إلى مصدر، فقوله: بما كنتم أي بكونكم تعلمون. وقوله: {تُعَلِّمُونَ} فيها قراءتان: إحداهما (تعلِّمون) أي تعلمون غيركم، من التعليم، وقراءة أخرى بما كنتم (تعلَمون) أي تعلمون أنتم بأنفسكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>