للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذكياء، ولكن لا يتذكرون بالقرآن، وهؤلاء لا نسميهم عقلاء، لكن الذي انتفى عنهم من العقل هو عقل التصرف والرشد، أما الإدراك فهم يدركون، ولهذا تقوم عليهم الحجة.

١٥ - أن من القرآن ما لا يعلم تأويله إلا الله، على قراءة الوقف: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}، والفائدة امتحان العباد بتأدبهم مع الله عزّ وجل. هل يحاولون أن يصلوا إلى شيء لا تدركه عقولهم، أو يقفون على حدود ما تدركه عقولهم، لأن من الناس من يذهب ويتجرأ على محاولة إدراك ما لا يصل إليه العقل، ومن الناس من يتأدب، فإذا وصل إلى ما لا يبلغه العقل وقف.

١٦ - سعة علم الله عزّ وجل؛ لقوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}، على قراءة الوقف.

١٧ - أن كلام الله عزّ وجل يختلف؛ منه محكم، ومنه متشابه، ومنه أمر، ومنه نهي، ومنه خبر، ومنه استخبار، إلى أنواع لا يحصيها إلا الله، خلافًا لمن قال: إن كلام الله نوع واحد، وأن اختلاف الصور أو الصيغ لا يدل على تنوعه واختلافه، مثل الأشاعرة الذين يرون أن كلام الله هو المعنى القائم بالنفس، وأنه شيء واحد، إن عُبِّرَ عنه بالعربية صار قرآنًا، وإن عُبِّرَ عنه بالعبرية صار توراة، وإن عُبِّرَ عنه بالسريانية صار إنجيلًا، وإن عُبِّرَ عنه بصيغة النهي صار نهيًا، وإن عُبِّرَ عنه بصيغة الأمر صار أمرًا، وإلا فهو شيء واحد، ولا شك أن هذا قول يبطله العقل والسمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>