١ - أن الفسق يطلق على الكفر. ومن شواهد ذلك قوله: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} [السجدة: ١٨ - ٢٠].
٢ - أن من تولى قبل قيام الحجة عليه، لم يحكم عليه بالفسق؛ لقوله:{فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ} ويتفرع على هذا فائدة مهمة وهي: أن الشرائع لا تلزم قبل العلم. وهذه مسألة عظيمة جدًّا، اختلف فيها العلماء اختلافًا طويلًا عريضًا، لكن من تأمل نصوص الكتاب والسنة، وتأمل أيضًا ما لله من صفات عظيمة، تبين له أن الشرائع لا تلزم قبل العلم؛ لأن الله كتب على نفسه أن رحمته سبقت غضبه. ولو قلنا بوجوب الشرائع قبل العلم لكان الغضب سابقًا على الرحمة؛ لأننا نلزم الإنسان بشيء لم يعلمه. لكن ربما يكون من الإنسان تفريط في السؤال، أي لا يسأل، فحينئذٍ قد نلزمه قبل أن يعلم من أجل تفريطه. أما لو لم يكن مفرطًا كإنسان نشأ في بادية، ولا يعلم شيئًا عن الدين، وليس عنده عالم، ولا طرأ على باله، فكان يصلي على جنابة بدون اغتسال، وبقي على ذلك عشر سنوات أو أكثر، فجاء يسأل نقول له: ليس عليك شيء؛ لأنك لم تعلم بوجوب الغسل من الجنابة. لكن لو كان في البلد، ويسمع ويستطيع أن يسأل، فربما نلزمه