للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال تعالى في سورة النجم: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}، وقال في سورة الأعلى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩)}.

وإسماعيل، لم يصل إلينا كتابه الذي نزل إليه، ولم نعرف إلا أنه أُنزل إليه، ولكن مع هذا يجب علينا أن نؤمن بما أُنزل على إسماعيل.

وإسماعيل هو الولد الأول لإبراهيم، وهو أبو العرب، وهو الذي صبر ذلك الصبر العظيم حين قال له أبوه: {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصافات: ١٠٢]، فقال هذا الابن الحليم: {قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: ١٠٢].

ولله درُّه من ابن، ابن لم يبلغ، ولكنه بلغ مع أبيه السعي، وهو أشد ما تكون النفس تَعلُّقًا به؛ لأن الكبير من الأولاد قد زلت النفس عنه، والصغير لم تتعلق به بعدُ ذلك التعلُّق. ومع ذلك فإن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام نفَّذ ما أمره الله به، قال الله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: ١٠٤، ١٠٥]. لكن أرحم الراحمين سبحانه وتعالى نسخ هذا الأمر حين أسلما وتلَّه للجبين.

(أسلما): يعني استسلما وانقادا لأمر الله، وتلَّه للجبين كابًّا له على الأرض، لئلا يرى وجهه حين يذبحه، فلما قارب أن يذبحه جاء الفرج من الله عزّ وجل. وهكذا يكون الفرج، كلما اشتدت الكرب، فانتظر الفرج. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر

<<  <  ج: ص:  >  >>