بل يُبادرون به، بل إنهم يُبادرون به قبل أن تقوم الساعة. كما قال الله تعالى في آل فرعون:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر: ٤٦].
بل إنهم يُبادرون بالعذاب قبل أن يموتوا:{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}[الأنفال: ٥٠] .. ويوبَّخون قبل أن يموتوا:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}[الأنعام: ٩٣]. وتأمل قوله:{أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} إنهم والله لأشحاء في هذه الأنفس، أشحاء؛ لأن النفس إذا بُشرت بالعذاب نكصت واشمأزَّت ورجعت في الجسد (أخرجوا أنفسكم) أعطونا إياها إلى العذاب: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}[الأنعام: ٩٣] .. فما بالكم والعياذ بالله بهذه البشارة السيئة القبيحة في حال الخروج من الدنيا، ومفارقة الأهل، والأموال، والأوطان، إنها لساعة حرجة نعوذ بالله، ونسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة، فهم لا يُمهلون، ولا يُنظرون في العذاب من حين أن يأتيهم الأجل إلى أبد الآبدين. نسأل الله لنا ولكم العافية.