وقامت عليهم الحجة من كل وجه، إذا تابوا إلى الله تاب الله عليهم. {الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}.
{تَابُوا} أي: رجعوا إلى الله. فالتوبة هي الرجوع إلى الله من معصيته إلى طاعته. ومن الهرب عنه إلى اللجوء إلى بابه، وللتوبة خمسة شروط:
الشرط الأول: الإخلاص لله. بأن يقصد الإنسان بتوبته وجه الله، وأن يتوب عليه ويتجاوز عنه، لا أن يقصد بتوبته مراءاة الخلق أو شيئًا من أمور الدنيا؛ لأن التائب قد يريد مراءاة الخلق، ليعلم الناس أنه تاب ورجع، فيمدحوه على ذلك. هذا لا تنفعه التوبة ولا تُقبل منه. أو يقصد بتوبته شيئًا من أمور الدنيا، يسمع أن الله يقول:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}[الطلاق: ٤] وهو يريد زوجة، يقول: لعلي أتَّقي الله حتى يُيسِّر الله لي زوجة، هذه التقوى أو التوبة ضعيفة جدًّا، ولهذا قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد -باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا-: "فهذه إرادة نازلة، لكنها ليست كالأول. الأول يريد أن يتقرَّب إلى الناس بما يتقرب به إلى الله، وهذا شيء عظيم أن يجعل ما لله للخلق، أما هذا فأراد أن يتقرب إلى الله من أجل أن ييسِّر له شيئًا من أمور الدنيا، والآخرة هو في غفلة عنها" .. إذن هذا الذي أراد بالتوبة أحد الأمرين: توبته مردودة عليه بالنسبة للأول الذي أراد الرياء، وضعيفة جدًّا بالنسبة للثاني.
الشرط الثاني: الندم على ما فعل من الذنب، والندم أشكل على بعض الناس، ولكنه في الحقيقة لا إشكال فيه إطلاقًا؛ لأن