للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأضافوا هذه الهبة إلى الله لئلا يكون لأحد عليهم منّة سواه، هذا من وجه، ولأنها إذا كانت من عند الله وهو أكرم الأكرمين صارت هبة عظيمة، لأن العطاء على قدر المعطي، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر حين سأله أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته قال: "قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلَّا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني" (١).

{رَحْمَةً}: الرحمة صفة من صفات الله عزّ وَجَلَّ، وتطلق على نِعَمِه، لأنها من آثار رحمته، كما قال الله: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى: ٢٨].

وقال الله تعالى للجنة: "أنت رحمتي أرحم بك من أشاء" (٢).

ومنه قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: ١٠٧]، فتطلق الرحمة على هذا وهذا. وفي هذه الآية: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} هي النعم وهي من آثار رحمته.

والرحمة يحصل بها المطلوب، وينجو بها الإنسان من المرهوب، فإن جمعت مع المغفرة صار بالرحمة حصول المطلوب، وبالمغفرة النجاة من المرهوب.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، رقم (٨٣٤). ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم (٢٧٠٥).
(٢) حديث قدسي، أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}، رقم (٤٨٥٠). ومسلم، كتاب الجنَّةَ وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، رقم (٢٨٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>