للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في بني عمه، وأقاربه. وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أعجبه شيء من ماله تصدق به، يتأول قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}. أما نحن فإذا أعجبنا شيء من مالنا جعلناه في الصناديق، واستعملنا الرديء، وتركنا الباقي لورثتنا، فلا يكون لنا، ولكن هكذا الشح -نعوذ بالله-.

أما الذين يريدون الآخرة فهم يرون أن مالهم هو الذي يقدمونه. ولهذا لما سأل النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه ذات يوم قال: "أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه؟ "، قالوا: يا رسول الله، ما منَّا أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه، قال: "فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر" (١)، يعني معناه أنك إذا بخلت بالمال وأبقيته فإنك سوف تذهب عنه وسوف يورث من بعدك. لكن إذا تصدقت به وأمضيته تجده أمامك. ولهذا ينبغي للإنسان أن يتأول هذه الآية ولو مرة واحدة، إذا أعجبه شيء من ماله فليتصدق به لعله ينال هذا البر.

وقوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}:

يعني أي شيء تنفقونه مما تحبون ومما لا تحبون، من قليل أو كثير، من نفائس الأموال أو صغائرها، فإن الله به عليم. وقوله: {مِنْ شَيْءٍ} "من" هذه بيان لـ"ما" وهي نكرة و"ما" اسم شرط، واسم الشرط يدل على العموم، فهو عموم مبين بعموم العموم في "ما" الشرطية والذي بينها "شيء"، وهي أيضًا


= إليه، رقم (٢٦٥٨). ورواه مسلم، كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين، رقم (٩٩٨).
(١) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب ما قدم من ماله فهو له، رقم (٦٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>